الكل شاريه ، وشاريه لا يستعمله ، ومستعمله لا يراه .. فما هو ؟؟
الجواب
الكفن
تطيب الميت وتبخير الكفن للرجل والمرأة
إذا ماتت المرأة فهل تطيب كالرجل ، وهل يطيب كفن الرجل والمرأة أيضاً ، أم أن تطييب الميت خاص بالرجال ؟.
الحمد لله
أولاً :
يستحب تطييب الكفن ، والميت رجلاً كان أم امرأة ، وقد دلت السنة الصحيحة على ذلك .
فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء اللاتي يغسلن ابنته أن يجعلن في الغسلة الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور . رواه البخاري (1253) ومسلم (939) . والكافور نوع من الطيب .
قال الحافظ في "الفتح" :
" قِيلَ : الْحِكْمَة فِي الْكَافُور مَعَ كَوْنه يُطَيِّب رَائِحَة الْمَوْضِع لأَجْلِ مَنْ يَحْضُر مِنْ الْمَلائِكَة وَغَيْرهمْ أَنَّ فِيهِ تَجْفِيفًا وَتَبْرِيدًا وَقُوَّة نُفُوذ وَخَاصِّيَّة فِي تَصْلِيب بَدَن الْمَيِّت ، وَطَرْد الْهَوَامّ عَنْهُ ، وَرَدْع مَا يَتَحَلَّل مِنْ الْفَضَلات ، وَمَنْع إِسْرَاع الْفَسَاد إِلَيْهِ , وَهُوَ أَقْوَى الأَرَايِيح الطَّيِّبَة فِي ذَلِكَ , وَهَذَا هُوَ السِّرّ فِي جَعْله فِي الأَخِيرَة إِذْ لَوْ كَانَ فِي الأُولَى مَثَلا لأَذْهَبَهُ الْمَاء , وَهَلْ يَقُوم الْمِسْك مَثَلا مَقَام الْكَافُور ؟ إِنْ نُظِرَ إِلَى مُجَرَّد التَّطَيُّب فَنَعَمْ , وَإِلا فَلا , وَقَدْ يُقَال : إِذَا عُدِمَ الْكَافُور قَامَ غَيْره مَقَامه وَلَوْ بِخَاصِّيَّةٍ وَاحِدَة مَثَلا " انتهى .
وقال النووي في شرح مسلم :
" فِيهِ : اِسْتِحْبَاب شَيْء مِنْ الْكَافُور فِي الأَخِيرَة , وَهُوَ مُتَّفَق عَلَيْهِ عِنْدنَا , وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَحْمَد وَجُمْهُور الْعُلَمَاء , لهَذَا الْحَدِيث ; وَلأَنَّهُ يُطَيِّب الْمَيِّت , وَيُصَلِّب بَدَنه وَيُبَرِّدهُ , وَيَمْنَع إِسْرَاع فَسَاده " انتهى .
وعن جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَجْمَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَجْمِرُوهُ ثَلاثًا ) رواه الإمام أحمد ( 14131) وقال النووي في "المجموع" (5/155) : إسناده صحيح . وصححه الألباني في صحيح الجامع ( 278 ) .
وَالْمَعْنَى : بَخَّرْتُمْ الْمَيِّت ، والميت : يطلق على الذكر والأنثى .
والمراد : تبخير الكفن ، وقد ذكر البيهقي في سننه (3/568) أن هذا الحديث رُوِي بلفظ : ( جَمِّرُوا كَفَنَ الْمَيِّتِ ثَلاثًا ) .
انظر : "بدائع الصنائع" (1/307) .
وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنهما أَنَّهَا قَالَتْ لأَهْلِهَا : ( أَجْمِرُوا ثِيَابِي إِذَا مِتُّ ، ثُمَّ حَنِّطُونِي ) . رواه مالك في "الموطأ" (528) والبيهقي في "السنن الكبرى" (3/568) .
قال في المنتقى: " الْحَنُوطُ مَا يُجْعَلُ فِي جَسَدِ الْمَيِّتِ وَكَفَنِهِ مِنْ الطَّيِّبِ وَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْكَافُورِ وَكُلِّ مَا الْغَرَضُ مِنْهُ رِيحُهُ دُونَ لَوْنِهِ ; لأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الرَّائِحَةِ دُونَ التَّجَمُّلِ بِاللَّوْنِ " انتهى .
وهذا الحكم ( وهو استحباب تطيب الميت ) لا يشمل المحرم بحج أو عمرة , لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي مات بعرفة : ( وَلا تَمَسُّوهُ بِطِيبٍ ) رواه البخاري (1851) ومسلم (1206) ، وفي رواية لهما : ( وَلا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا ) .
قال النووي : " يستحب تبخير الكفن إلا في حق المحرم والمحرمة " .
"المجموع" (5/156) .
ثانياً :
وأما صفة تطييب الميت ، فيوضع الطيب على مواضع السجود لشرفها ، وعلى الأماكن التي تجتمع فيها الأوساخ كباطن الركبتين ، ولو طيب الميت كله ، فلا بأس .
روى البيهقي (3/568) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الكافور يوضع على مواضع السجود .
وهي : الجبهة والأنف واليدان والركبتان والقدمان ، لأنه كان يسجد بهذه الأعضاء فخصت بزيادة الكرامة .
انظر : "شرح فتح القدير" ( 2/110) .
وقال ابن قدامة في المغني (3/388) : " ويجعل الحنوط (الطيب الذي يصنع للميت) على المغابن ( المفاصل ) كباطن الركبتين وتحت الإبطين لأنها تجتمع فيها الأوساخ , ويجعل على أعضاء سجوده لأنها أشرف , وإن طيبه كله فلا بأس " انتهى .