بحث بعنوان ....مصطلحات النقد الأدبي . بحوث متكامله . بحوث علميه و ادبيه . بحث جاهز . البحوث العلميه و الادبيه . بحوث



بحث بعنوان ....مصطلحات النقد الأدبي . بحوث متكامله . بحوث علميه و ادبيه . بحث جاهز . البحوث العلميه و الادبيه . بحوث


تقديم


لا يقلّ اكتشاف اللغة في العصر الحديث عن أيّ اكتشاف علمي آخر على مستويات عدّة، لما في اللغة من وسائل تساعد الإنسان على الفهم والإفهام. ومعلومٌ كذلك أنّ الإنسان لم يعرف نفسه ولم تعرفه العامّة إلاَّ متكلّماً لُسناً، وفي الغالب قارئاً حصيفاً وكاتباً بارعاً.
لكن هذه الأصوات والرّسوم الحرفية التي يلفظها الإنسان أو يكتبها، لم تكن في حدّ ذاتها موضوع السؤال الأساس والرئيس في جلّ الدّراسات التي جعلتها مادة لـها. ولم يكن اكتشاف الدلالة بشكل أخصّ يشكل الهمّ الأساس لدى الباحثين والكتّاب.
وفي زمن لاحق، وحينما أخذت الأسئلة تلاحق ما تعنيه الدّلالة، أي ما تعنيه اللغة: حروفها وكلماتها ومفاهيمها، ظلّ الاستفهام يدور حول اللغة بوصفها أداة للتواصل. وليس اللغة باعتبارها أول وأهمّ ما يشكّل الدلالة وموضوعها معاً.
ومعلوم كذلك، أننا نستخدم ملفوظات العقل في الكلام اليومي، ونستخدم الكلمات للدلالة عن كنه الأشياء، لنعني بها ما نفهمه نحن وما نودّ إفهامه للآخر. ثم أن اللغة جهاز من المفاهيم المنشئة للمعرفة، إلاَّ أنها تظلّ مساحة خصبة هائلة ومنظومة غير مكتشفة جليّة، وحدودها لازالت مقفلة.
نقول هذا على عجل لنشير في هذه التقدمة المنهاجية، لأنّ موضوعنا الرئيس هو المصطلح السيميائي، بكلّ جذوره وتفرّعاته الفلسفية والعلمية، باعتباره جزءاً لا يتجزّأ من تلك اللغة التواصلية، وممارسة إجرائية تشكّل حيزاً متميّزاً للدلالة في الحقل النقدي المعاصر.
من هنا، سعى الباحث إلى اتخاذ موقف من الجدل الذي لا يزال قائماً بين الباحثين والنقاد العرب، في تحديد ماهية المصطلح والمصطلحية، كمسألة عدّها جلّ اللغويين متجذرة الوجود في اللغة العربية، وعدّها بعضهم وافدة من الغرب، محدثة النشوء أريد بها عند آخرين علماً خاصّاً بذاته، ثم حقلاً معرفياً عادياً.
وعليه، فإننا لا نبالغ إذا قلنا إنّ طبيعة هذا الخلاف الناشئ حول هذين الحقلين مفتعلة، ولا تقوم على دعائم موضوعية، لأنّ أصل الخلاف كامن حول المصطلحات المستعملة في الإنجازات النقدية وليس حول العلم ذاته. فعلم المصطلح مثلاً، في اللغة العربية علم ليس بجديد. إذ هو نشاط مارسته العرب عبر الزمن، واتخذت منه حقلاً معرفياً معاجمياً، وتجلت ملامحه في القواميس والمعجمات المنجزة عبر العصور.
كما أنّ هذا العلم بدأ يشهد تداخلات مصطلحية منذ دخول النظريات اللسانية إلى النقد، منذ أن استلهمت الحداثة العربية أدواتها المفاهيمية الإجرائية من المنجز الغربي، حيث استفاد النقاد من منجزات العلوم اللسانياتية الحديثة الوافدة من أوروبا، ومن أمريكا، وفي مختلف الاتجاهات وبشتى اللغات.
من هذا المنتهى، عزم الباحث الخوض في جهود النقاد العرب بخصوص مجال المصطلحات السيميائية، بوصفها إحدى الأدوات الإجرائية اللغوية في نقد الأعمال الأدبية، ساعياً إلى الوقوف على "المصطلحية السيميائية العربية" النشوئية في هذا الميدان مترجمة تعمق مجاله، وتصوغه صياغة شبه نهائية. ووفق مناهج علمية معصرنة تمكّن أعمالهم من الاتسام بالشرعية العلمية.
وطبيعي كذلك، أن اتجهت هذه الجهود في وضع المصطلح السيميائي النقدي العربي إلى التكاثر، مع تزايد البحث في النقود الحداثية، انطلاقاً من المدّ البنيوي إلى عهد السيميائية والتفكيكية. وقد تجلّى مثل هذا الاهتمام في تكاثر التآليف النقدية السيميائية. وبموازاة ذلك تكاثرت الاختلالات بخصوص المصطلح نفسه إلى درجة صار الاختلاف داء من أدواء لغتنا العربية، ينمو ويستمر كلما اتسعت دوائر البحث في هذه النظريات.
وأوّل ما فعله الدّارسون لحال المصطلح النقدي والمصطلح السيميائي بوجه أخصّ، هو طرحهم السؤال: هل أنّ الإحساس بوضع المصطلح في مقال الشيء كان مواكباً لوعي الناقد العربي القديم؟ وهل مسألة تضارب استعمالات المصطلحات السيميائية طبيعية ـ بين ولادتها الأصلية، في مصادرها الأولى، وتناقلها عبر وسطاء إلى الساحة النقدية العربية، بالترجمة طوراً وبطرائق مختلفة تقليدية أطواراً أخرى؟. وهل مسلك النقاد العرب في ظلّ تكاثر البحوث السيميائية أسهم في تحديد معارف المصطلحات أم في تجميعها بكثافة دون توضيح العلائق المتحكمة بين المصطلحات الأوروبية والفرنسية والأنجلوساكسونية الإنجليزية.
وقد حركت الكاتب رغبة ملحة في اختيار هذا الموضوع وهي في الأصل نابعة من عدّة عوامل أهمها:
1 ـ كشف القصور السائد في صياغة المصطلح النقدي.
2 ـ استبار مدى فهم النقاد للمصطلحات الألسنية. إذ لا يجوز علمياً الحكم على الناقد العربي أو عليه، ما لم يحدّد مدى استيعابه لـهذه النظرية الألسنية أو ذلك المنهج أو ذاك المصطلح.
3 ـ الرغبة في تخصيص مصطلحية عربية جامعية ضرورية لكلّ باحث وطالب في النظرية السيميائية، باعتبارها معرفة علمية أساسية، وباعتبار المصطلحات آليات لـها شأنها في الثورة العلمية الحديثة.
4 ـ السعي إلى تجاوز تكاثر المصطلحات بشكل عام، ومن ثم المصطلحات السيميائية، فهي ركيزة الدّرس السيميائي العالمي بشكل عام والعربي بشكل خاص.
5 ـ إشاعة المصطلح السيميائي بوصفه تخصصاً علمياً، ومقياساً لا تستغني عنه العلوم الإنسانية قاطبة. إذ كيف تدرس اللسانيات بمفاهيمها، ويؤتونها دون أن تلحق بدروس في المصطلحات، والحال نفسه مع السيميائيات.
6 ـ تجاوز الطرائقية التقليدية في إيجاد المصطلحات. لأنّ الواقع يشهد بأنّ الباحثين العرب تمكّنوا من النظريات والمصطلحات عن طريق فعل القراءة، بعيداً عن السبل المهترئة في صوغ المصطلحات.
7 ـ حصر إشكالية التعارض التي لا تزال تسم حركية البحث، اعتباراً لما أنجز في النقود العربية إلى حدّ اليوم، لاسيما أنّ مثل هذا التعارض ما كان ليوجد لولا وجود هذا التنوع البشري أصلاً، لدى الغرب والعرب أجمعين.
8 ـ افتقار السّاحة النقدية العربية إلى مواقع ومؤسسات تؤطر المنجز المصطلحي الراهن، بغض النظر عن بعض المجهودات الفردية.
ولذلك تبين ـ ومنذ أول الخطو ـ، أنّ الأسئلة كثيرة والإجابات مختلفة بخصوص المصطلح النقدي، وبخصوص المعاجمية العربية المفترضة في تقديم أدوات إجرائية عملية ومقاربة مفاهيمية.
وتبين كذلك، أنّ موضوع البحث غير نهائي مادامت المصطلحات عوالم ممكنة باستمرار. لزم تقبلها مع الانزياحات المصطلحية، فيدرس الاختلاف لئلا يزداد البون بخصوص الإشكالية ذاتها فيؤدّي الأمر إلى الخلاف.
وقد دلت فصول البحث على مثل هذه الدراسة في المصطلحات وتحقيباتها بشكل عام، والمصطلح السيميائي وتمظهراته بشكل أخصّ، ودلت مباحثه على مقاربة نماذج عينية، من خلال التطبيقات النقدية، توخى صاحبها وضع إطار مصطلحي ـ افتراضي للسيميائية، ووفق منظورات وأهداف مبسطة تعليمية، يواكب فيها الوظيفي التنظيري بالمنجز التطبيقي، على الأقل فيما هو كائن في البحوث السيميائية العربية القليلة والمتواضعة.
وقد قادت الكاتب مثل هذه القراءة الموغلة في المنجزات العربية، إلى انتقاء مجموعة من المصطلحات المتداولة في الحقل النقدي المعاصر، غير مقتصر على جغرافية إقليمية مشرقية أو مغربية في اختيار الباحثين، إلاَّ ما صدر عنه سهواً.
ثم حاول إدراج المصطلحات تبعاً لمساقات القول، ولدى جلّ النقاد العرب، ممن أغرقت كتاباتهم الحداثية الساحة النقدية بكثير من المصطلحات السيميائية، بينهم نقاد في تونس، والجزائر، والمغرب، والسعودية، وسورية، ولبنان، والعراق، وجل الأقطار العربية. وهي ـ في اعتقاد الباحث ـ أغلب البلدان التي استجابت إلى مسألة الاقتباسات الاصطلاحية السيميائية عن الغرب، وضمن المدوّنات النقدية الراهنة على اختلاف مشاربها الأصلية.
من الصعب إذاً، انتقاء أشكال غير موجودة أصلاً، ومقاربة مصطلحات موجودة هنا وهناك. وكانت حجة الباحث في هذا العمل المتواضع، مرتبطة بأن وجود مثل هذه المصطلحات السيميائية (المحصورة في البحث) خير من عدمه، ودليل للدلالة على وضع مصطلحية هذا الحقل النشوئي في البلاد العربية.
وفي عموم الإشكالية أراد الباحث تحقيق غايتين أساسييّن:
الأولى: تحديد معالم المصطلحية السيميائية، والدفع بمجهودات الباحثين في نظرياتها إلى تأسيس "منهج سيميائي" افتراضي محدّد المعالم لما للمناهج من علائق بالمصطلحات.
والثانية: المشاركة في تأسيس لغة علمية خالية من التناقضات والتعددية الدّلالية.
وهو يروم إلى تحقيق هذه الأهداف العلمية، ارتأى صاحبه تقسيم البحث من حيث الزمن إلى مرحلتين رئيستين، تجسدتا في بابين، اشتمل كلّ باب على فصول، وانبنى هذا التقسيم على أساس التحقيبات التاريخية للمصطلحية العربية.
ففي الباب الأول، الموسوم: أثر المصطلح في الدرس اللغوي والنقدي، سعى إلى تلمّس جوانب إشكاليات المصطلح والمصطلحية بشكل عامّ، وفي فصل خاصّ هو الأول، وذلك بغية تحديد المصطلح وشؤونه، ثم المصطلحية ومجالات وأعلامها. ثم اقتضت طبيعة البحث في هذا التقسيم الافتراضي، أن خاض ضمن الفصل الثاني في أهم طرائقية البحث في مجال المصطلحات، ثم الخوض في مجال المصطلح النقدي السيميائي باعتباره النموذج المثال القمين بالدراسة والتمحيص.
وهكذا تحددت معالم هذا البحث، ضمن الإطار التاريخي التأصيلي التأثيلي، وتحدد التسليم برغبة صاحبه في إغناء البحث بمقترحات ضمن كلّ فصل ومبحث، وختمها بخلاصات وآفاق. وذلك بغية مراعاة منهجية البحث الأكاديمي، وتبسيط عمليتي الفهم والإفهام للقراءة في هذا المجال.
وبغية الحرص على مثل هذه المنهاجية، تم تقسيم الباب الثاني إلى فصلين رئيسين: الأول احتوى نماذج مصطلحية كثر تداولها في تحليل الخطاب الشعري، والثاني أراد الإفادة فيه ببعض النماذج المصطلحية السّردية.
وقد تمت عملية البحث بالاستراتيجية نفسها، مقدماً كل فصل بمفتتح ثم تذييله بخلاصة وآفاق، من أجل جعل عناصر البحث متساوقة ومنضدة، أنهي البحث بخاتمة جامعة لمعظم الخلاصات، فضلاً عن مسرد مصطلحي للكلمات المفاتيح الواردة في البحث.
تبنى الباحث المنهج الوصفي التحليلي لدراسة الموضوع، مع الاعتماد ـ في كثير من المواضع ـ أسلوب الإحصاء، وذلك من خلال استقراء واقع المصطلحات في النصوص النقدية العربية، ومحاولة جعلها تكشف عن الاتجاهات المتبناة في الساحة النقدية، دون اللجوء إلى الأحكام المسبقة على أصحابها، بل مناقشة الآراء والطروحات بترّو وأمانة علمية. مع الاستعانة بمصادر أجنبية وعربية لإضاءة الإشكاليات، كلما رأى أنّ الحاجة تتطلب ذلك، وقد تمّ ذلك، بمراعاة الجوانب التاريخية لصيرورة المصطلح.
وقد أفادت الدراسة من عشرات الكتب العربية والمترجمة والقواميس العربية والأجنبية، وعشرات المجلات العربية، وكلها عجزت عن توفير الأرضية الكافية لاعتصار هذه الإشكالية، بل العكس هو الصحيح. ولذلك، اعتمد الباحث أبرز القواميس الألسنية في أوروبا، بينها معجم "جان ديبوا الألسني، ومعجم "غريماس وكورتيس" السيميائي المعقلن، وبعض المؤلفات المتخصصة في هذا المساق، لدى باحثين مثل: رولان بارط، وامبرطو ايكو، وجاك دريدا، ودي سوسير، وميكائييل باختين، وجوليا كريستيفا وجيراير جنيت وسواهم ممن تطول القائمة بذكرهم.
أما حين أوجب البحث الرجوع إلى أصول الكلمات في اللغة العربية، فقد سلك صاحبه مسلك التوفيق، تارة بالعودة إلى المعاجم العربية الأثيلة مثل لسان العرب لابن منظور، أو كتب مثل الحيوان للجاحظ، وأخرى حداثية متخصصة بينها: معجم المصطلحات الأدبية لمحمد رشاد الحمزاوي، ومعجم الألسنية لبسام بركة، ومعجم المصطلحات الأدبية لسعيد علوش وسواها من المؤلفات المعاجمية المتخصصة.
كما وجب الإشارة، إلى اعتماد الباحث أغلب المجلات العربية الحداثية، التي عالجت الإشكالية ذاتها. فوجدها متعددة وكتابها كثر. فجاء إلى المقول من خلال المعقول، مركزاً على أبرزها في الساحة النقدية العربية الراهنة. ومعتمداً أغلب الأعداد منها ومما يمت بصلة للموضوع المعالج.
ومهما يكن من أمر، فإنّ هذا العرض السّريع، لما انطوى عليه لا يتعدّى أن يكون ملخصاً سريعاً لإشكالية، لابدّ لمن يريد الوقوف على تفاصيلها التأمل في فصولها، إن هو أراد الهدف إلى تفعيل حركية البحث في المصطلحات بشكل عام..
ويستسمح الكاتب القارئ الكريم القدر المنقول، إن هو أصاب فذلك هدفه المنشود والمأمول، وإلاّ فحسبه أنه ما كان لحظةً ضنيناً في تلمس الصواب وابتغاء السبيل. كما أن صاحبه لا يدعي أنه جاء إلى هذا الموضوع على حذر، بالنظر لقلة المصادر المختصّة فيه، ولحداثة مساقاته، ولحساسية الموقف في التفاضل بين النقاد. وحساسية اللغة نفسها، لغة اللسانيات والعلوم التي لا تقبل التأويل. ولذلك فحاجة الجميع ماسة إلى متابعة العمل في هذا المضمار الدقيق.
والكتاب في صورته النهائية هذه عود على بدء لما سوف يلحقه من مؤلف آخر يدخل في ذات الاستراتيجية المنهاجية والموضوعية ثم النمذجة للإشكاليات المطروحة في كتاب سلالي أسميناه إشكاليات المصطلح السيميائي.
الدكتور بوخاتم مولاي علي
الجزائر في تاريخ 24/7/2004

منقول

اكمل البحث من هنا

تعليقات

المشاركات الشائعة