مالاسم الذي يطلق على زرقاء اليمامة؟
مالاسم الذي يطلق على زرقاء اليمامة؟
الجواب
حذام
القصص التي تنقل عن هذه المرأة ،من أنها كانت ترى الشخص المقبل على مبعدة مسيرة ثلاثة أيام، أي عشرات الأميال، وهو ما يقع خارج حدود الإبصار، كما أن زرقاء كانت من اليمن وهي منطقة جبلية وحتى في المناطق المنبسطة تنتشر الروابي والكثبان، وبالتالي يتعذر الإبصار لهذه المسافة على أية حال.
لماذا حصلت حذام التي عرفت بزرقاء اليمامة على هذه السمعة، الأمر ببساطة أن العقلية العربية تميل إلى التجسيد والأمور الملموسة، وهو الأمر الذي جعلهم يفسرون مقولة هذه المرأة حول الأشجار التي تتحرك والجمال التي تسير ببطء على أنها حدة في الإبصار، بينما لم يكن الأمر أكثر من قدرة على التحليل والاستنتاج.
المرأة كانت صاحبة رأي في قومها ،الذين ينتمون إلى قبيلة جديس من العرب البائدة، وهو الأمر الذي لا يمكن من تحديد المرحلة الزمنية التي عاشت فيها ولا طبيعة الظروف التي أحاطت بها.
يقال أنها سميت زرقاءاليمامة بسبب زرقة عينيها، وهو الأمر الشديد الندرة في بيئتها، ولعل ذلك أضفى جانبا من الميل لوضعها في قالب أسطوري أو فوق طبيعي، فوجود اختلاف في الشكل كان يدفع القدماء إلى محاولة تفسير ذلك بوجود ميزة غير طبيعية، فطالما أن عينيها مختلفتين عن الجميع فيجب أن تكون قدرتها على الإبصار أكبر، ولكن ذلك يتنافى مع تاريخ المرأة قبل الحادثة الشهيرة التي جرى تفسيرها بالقدرة البصرية.
فيقول الشاعر فيها: اذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام.
ولا يمكن أن تصدق امرأة في رأيها لمجرد أنه تبصر أفضل من الآخرين، وإنما يكون ذلك لثقة القوم في ذكائها وتقديرها للأمور، وقدرتها على وضع ذلك كله في كلمات مقنعة، ويعرف بأن العرب يميزون بين البصر والبصيرة كوظيفتين أحدهما بيولوجية بمعنى أن يرى الإنسان الأشياء، والثانية سمة شخصية بمعنى أن يستطيع تقديرها وتمييزها بشكل صحيح ويمكن القول بأن ذلك يمكنه من أن يتوقع النتائج لأي فعل وتصرف، وجرى المثل، بأعمى البصيرة للشخص الذي لا يتميز بالقدرة على التمييز بين الأشخاص والمواقف والأقوال، إلا أن ذلك الفرق لا يظهر في فعل (يبصر) الذي يمكن أن يكون فعلا للبصر وللبصيرة، على السواء، ونفس الأمر مع الرؤية والنظر.
القصة التي حققت شهرة حذام كانت عندما عقد قومها الصلح مع قبيلة أخرى، وكان يفترض أن تتوافد هذه القبيلة لاتمام الصلح، ولكن حذام لاحظت أن الجمال التي تسير مع القبيلة القادمة كانت تسير بتثاقل كبير، بما يعني أنها محملة بما يفوق طاقتها، ويمكن أن ينطبق ذلك على الرجال والسلاح، وحذرت حذام قومها من أن ضيوفهم يعدون مكيدة ليغدروا بهم، وهو الأمر الذي لم يستمع له أحد، ويمكن أنهم اعتقدوا بأن الجمال مقبلة وهي محملة بالهدايا، ولكن ما توقعته حذام كان صحيحا ونجحت خطة المغافلة والتفتت القبيلة الغازية إلى الزرقاء فذبحتها واقتلعت عينيها، ولا يبدو أن تحذيرها الذي يفترض أن الغزاة لم يعرفوه كان هو السبب، وإنما بسبب دورها السابق في ارشاد قومها إلى الاختيارات الصحيحة.
المشكلة أن ما يتعلمه الأطفال عن زرقاء اليمامة وبصرها يعمق في داخلهم الاعتقاد بقدرتها على الإبصار وتجعلها تشبه في ذهنهم السوبرمان، وهو الأمر الذي يجعلهم يصدقون القصص الخيالية التي تقوم على قدرات خارقة، ولا يعرفون بأن أهم قدرات الإنسان هي في عقله وليس صفاته الجسدية، وبالتالي لا يجري تقدير العقل بالطريقة الصحيحة وإنما يبقى التعلق بالأمور غير الطبيعية والتي تفارق ما جرت عليه العادة والظروف الطبيعية، ويفقدون التمييز لاحقا بين البصر والبصيرة.
كتبها سامح المحاريق
تعليقات
إرسال تعليق